الميزان في تفسير القرآن |
سورة الأنبياء |
16 - 33 |
تابع |
||
و فيه، بإسناده عن أيوب بن الحر قال قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا أيوب ما من أحد إلا و قد يرد عليه الحق حتى يصدع قلبه قبله أم تركه و ذلك أن الله يقول في كتابه: «بل نقذف بالحق على الباطل - فيدمغه فإذا هو زاهق و لكم الويل مما تصفون». أقول: و الروايتان مبنيتان على تعميم الآية. و في العيون، في باب ما جاء عن الرضا (عليه السلام) في هاروت و ماروت في حديث: أن الملائكة معصومون محفوظون عن الكفر و القبائح بألطاف الله تعالى قال الله تعالى فيهم: «لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون» و قال عز و جل: «و له من في السماوات و الأرض و من عنده يعني الملائكة لا يستكبرون عن عبادته و لا يستحسرون - يسبحون الليل و النهار لا يفترون». و في نهج البلاغة، قال (عليه السلام) في وصف الملائكة: و مسبحون لا يسأمون، و لا يغشاهم نوم العيون، و لا سهو العقول، و لا فترة الأبدان، و لا غفلة النسيان. أقول: و به يضعف ما في بعض الروايات أن الملائكة ينامون كما في كتاب كمال الدين بإسناده عن داود بن فرقد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله: أنه سئل عن الملائكة أ ينامون؟ فقال: ما من حي إلا و هو ينام خلا الله وحده: فقلت: يقول الله عز و جل: «يسبحون الليل و النهار لا يفترون»؟ قال: أنفاسهم تسبيح. على أن الرواية ضعيفة. و في التوحيد، بإسناده عن هشام بن الحكم قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ما الدليل على أن الله واحد؟ قال: اتصال التدبير و تمام الصنع كما قال عز و جل: «لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا». أقول: و هو يؤيد ما قدمناه في تقرير الدليل. و فيه، بإسناده عن عمرو بن جابر قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام): يا بن رسول الله إنا نرى الأطفال منهم من يولد ميتا، و منهم من يسقط غير تام، و منهم من يولد أعمى و أخرس و أصم، و منهم من يموت من ساعته إذا سقط إلى الأرض، و منهم من يبقى إلى الاحتلام، و منهم من يعمر حتى يصير شيخا فكيف ذلك و ما وجهه؟ فقال (عليه السلام): إن الله تبارك و تعالى أولى بما يدبره من أمر خلقه منهم و هو الخالق و المالك لهم فمن منعه التعمير فإنما منعه ما ليس له، و من عمره فإنما أعطاه ما ليس له فهو المتفضل بما أعطى و عادل فيما منع و لا يسأل عما يفعل و هم يسألون. قال جابر: فقلت له: يا بن رسول الله و كيف لا يسأل عما يفعل؟ قال: لأنه لا يفعل إلا ما كان حكمة و صوابا، و هو المتكبر الجبار و الواحد القهار، فمن وجد في نفسه حرجا في شيء مما قضى كفر و من أنكر شيئا من أفعاله جحد. أقول: و هي رواية شريفة تعطي أصلا كليا في الحسنات و السيئات و هو أن الحسنات أمور وجودية تستند إلى إعطائه و فضله تعالى، و السيئات أمور عدمية تنتهي إلى عدم الإعطاء لما لا يملكه العبد. و ما ذكره (عليه السلام) أنه تعالى أولى بما لعبده منه وجهه أنه تعالى هو المالك لذاته و العبد إنما يملك ما يملك بتمليك منه تعالى و هو المالك لما ملكه و ملك العبد في طول ملكه. و قوله: «لأنه لا يفعل إلا ما كان حكمة و صوابا إشارة إلى التقريب الأول الذي قدمناه، و قوله: «و هو المتكبر الجبار و الواحد القهار» إشارة إلى التقريب الثاني الذي أوردناه في تفسير الآية. و في نور الثقلين، عن الرضا (عليه السلام) قال: قال الله تبارك و تعالى: يا بن آدم بمشيتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء، و بقوتي أديت إلي فرائضي، و بنعمتي قويت على معصيتي جعلتك سميعا بصيرا قويا ما أصابك من حسنة فمن الله و ما أصابك من سيئة فمن نفسك و ذلك أني أولى بحسناتك منك و أنت أولى بسيئاتك مني و ذلك أني لا أسأل عما أفعل و هم يسألون. و في المجمع،: في قوله تعالى: «هذا ذكر من معي و ذكر من قبلي» قال أبو عبد الله (عليه السلام): يعني بذكر من معي ما هو كائن و بذكر من قبلي ما قد كان. و في العيون، بإسناده إلى الحسين بن خالد عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من لم يؤمن بحوضي فلا أورده الله حوضي، و من لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله الله شفاعتي، ثم قال (عليه السلام): إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي فأما المحسنون فما عليهم من سبيل. قال الحسين بن خالد: فقلت للرضا (عليه السلام): يا بن رسول الله فما معنى قول الله عز و جل: «و لا يشفعون إلا لمن ارتضى» قال: لا يشفعون إلا لمن ارتضى الله دينه. و في الدر المنثور، أخرج الحاكم و صححه و البيهقي في البعث عن جابر: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تلا قول الله: «و لا يشفعون إلا لمن ارتضى» فقال: إن شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي. و في الاحتجاج، و روي: أن عمرو بن عبيد وفد على محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) لامتحانه بالسؤال عنه فقال له: جعلت فداك ما معنى قوله تعالى: «أ و لم ير الذين كفروا - إن السماوات و الأرض كانتا رتقا ففتقناهما» ما هذا الرتق و الفتق؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): كانت السماء رتقا لا تنزل القطر و كانت الأرض رتقا لا تخرج النبات ففتق الله السماء بالقطر و فتق الأرض بالنبات فانقطع عمرو بن عبيد و لم يجد اعتراضا و مضى. أقول: و روي هذا المعنى في روضة الكافي عنه (عليه السلام) بطريقين. و في نهج البلاغة، قال (عليه السلام): و فتق بعد الارتتاق صوامت أبوابها. |
||