الميزان في تفسير القرآن |
سورة المائدة |
33 - 40 |
تابع |
||
و الآية بإطلاقها يؤيد ما في خبر الكافي، و من المعلوم أن سبب النزول لا يوجب تقيد ظاهر الآية. و في تفسير القمي،: في قوله تعالى: «يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله - و ابتغوا إليه الوسيلة» الآية قال: فقال: تقربوا إليه بالإمام. أقول: أي بطاعته فهو من قبيل الجري و الانطباق على المصداق، و نظيره ما عن ابن شهر آشوب قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): في قوله تعالى: «و ابتغوا إليه الوسيلة»: أنا وسيلته:. و قريب منه ما في بصائر الدرجات، بإسناده عن سلمان عن علي (عليه السلام)، و يمكن أن يكون الروايتان من قبيل التأويل فتدبر فيهما. و في المجمع:، روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): سلوا الله لي الوسيلة فإنها درجة في الجنة لا ينالها إلا عبد واحد و أرجو أن أكون أنا هو. و في المعاني، بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا سألتم الله فاسألوا لي الوسيلة، فسألنا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الوسيلة، فقال: هي درجتي في الجنة الحديث و هو طويل معروف بحديث الوسيلة. و أنت إذا تدبرت الحديث، و انطباق معنى الآية عليه وجدت أن الوسيلة هي مقام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من ربه الذي به يتقرب هو إليه تعالى، و يلحق به آله الطاهرون ثم الصالحون من أمته، و قد ورد في بعض الروايات عنهم (عليهم السلام): أن رسول الله آخذ بحجزة ربه و نحن آخذون بحجزته، و أنتم آخذون بحجزتنا. و إلى ذلك يرجع ما ذكرناه في روايتي القمي و ابن شهر آشوب أن من المحتمل أن تكونا من التأويل، و لعلنا نوفق لشرح هذا المعنى في موضع يناسبه مما سيأتي. و من الملحق بهذه الروايات ما رواه العياشي عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: عدو علي هم المخلدون في النار قال الله: «و ما هم بخارجين منها». و في البرهان،: في قوله تعالى: «و السارق و السارقة فاقطعوا أيديهما» الآية: عن التهذيب، بإسناده عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال: تقطع يد السارق و يترك إبهامه و راحته، و تقطع رجله و يترك عقبه يمشي عليها. و في التهذيب، أيضا بإسناده عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): في كم تقطع يد السارق؟ فقال: في ربع دينار. قال: قلت له: في درهمين؟ فقال: في ربع دينار بلغ الدينار ما بلغ. قال: فقلت له: أ رأيت من سرق أقل من ربع الدينار هل يقع عليه حين سرق اسم السارق؟ و هل هو عند الله سارق في تلك الحال؟ فقال: كل من سرق من مسلم شيئا قد حواه و أحرزه فهو يقع عليه اسم السارق، و هو عند الله سارق و لكن لا تقطع إلا في ربع دينار أو أكثر، و لو قطعت يد السارق فيما هو أقل من ربع دينار لألفيت عامة الناس مقطعين. أقول: يريد (عليه السلام) بقوله: و لو قطعت يد السارق إلخ أن في حكم القطع تخفيفا من الله رحمة منه لعباده، و هذا المعنى أعني اختصاص الحكم بسرقة ربع دينار أو أكثر مروي ببعض طرق الجمهور أيضا ففي صحيحي البخاري و مسلم، بإسنادهما عن عائشة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: لا يقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا. و في تفسير العياشي، عن سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام): أنه قال: إذا أخذ السارق فقطع وسط الكف فإن عاد قطعت رجله من وسط القدم فإن عاد استودع السجن فإن سرق في السجن قتل. و فيه، عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): عن رجل سرق و قطعت يده اليمنى ثم سرق فقطعت رجله اليسرى ثم سرق الثالثة؟ قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يخلده في السجن و يقول: إني لأستحيي من ربي أن أدعه بلا يد يستنظف بها و لا رجل يمشي بها إلى حاجته. قال: فكان إذا قطع اليد قطعها دون المفصل، و إذا قطع الرجل قطعها دون الكعبين قال: و كان لا يرى أن يغفل عن شيء من الحدود. و فيه:، عن زرقان صاحب ابن أبي دواد و صديقه بشدة قال: رجع ابن أبي دواد ذات يوم من عند المعتصم، و هو مغتم فقلت له في ذلك فقال: وددت اليوم أني قدمت منذ عشرين سنة قال: قلت له: و لم ذاك؟ قال: لما كان من هذا الأسود أبا جعفر محمد بن علي بن موسى اليوم بين يدي أمير المؤمنين المعتصم قال: قلت: و كيف كان ذلك؟ قال: إن سارقا أقر على نفسه بالسرقة و سأل الخليفة تطهيره بإقامة الحد عليه فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه، و قد أحضر محمد بن علي فسألنا عن القطع في أي موضع يجب أن يقطع؟ قال: فقلت: من الكرسوع لقول الله في التيمم: «فامسحوا بوجوهكم و أيديكم» و اتفق معي على ذلك قوم. و قال آخرون: بل يجب القطع من المرفق قال: و ما الدليل على ذلك؟ قالوا: لأن الله لما قال: «و أيديكم إلى المرافق» في الغسل دل على ذلك أن حد اليد هو المرفق. قال: فالتفت إلى محمد بن علي فقال: ما تقول في هذا يا أبا جعفر؟ فقال: قد تكلم القوم فيه يا أمير المؤمنين قال: دعني بما تكلموا به أي شيء عندك؟ قال: اعفني عن هذا يا أمير المؤمنين قال: أقسمت عليك بالله لما أخبرت بما عندك فيه، فقال. أما إذا أقسمت علي بالله إني أقول: إنهم أخطئوا فيه السنة، فإن القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع فتترك الكف، قال: و ما الحجة في ذلك؟ قال: قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): السجود على سبعة أعضاء: الوجه، و اليدين، و الركبتين، و الرجلين فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها، و قال الله تبارك و تعالى: «و أن المساجد لله» يعني هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها «فلا تدعوا مع الله أحدا» و ما كان لله لم يقطع. قال: فأعجب المعتصم ذلك فأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف. قال ابن أبي دواد: قامت قيامتي و تمنيت أني لم أك حيا. قال ابن أبي زرقان: إن ابن أبي دواد قال: صرت إلى المعتصم بعد ثالثة فقلت: إن نصيحة أمير المؤمنين علي واجبة و أنا أكلمه بما أعلم أني أدخل به النار قال: و ما هو؟ قلت: إذا جمع أمير المؤمنين في مجلسه فقهاء رعيته و علماءهم لأمر واقع من أمور الدين فسألهم عن الحكم فيه فأخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك، و قد حضر المجلس بنوه و قواده و وزراؤه و كتابه، و قد تسامع الناس بذلك من وراء بابه ثم يترك أقاويلهم كلهم لقول رجل يقول شطر هذه الأمة بإمامته، و يدعون أنه أولى منه بمقامه ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء؟ قال: فتغير لونه، و انتبه لما نبهته له، و قال: جزاك الله عن نصيحتك خيرا. قال: فأمر اليوم الرابع فلانا من كتاب وزرائه بأن يدعوه إلى منزله فدعاه فأبى أن يجيبه، و قال: قد علمت أني لا أحضر مجالسكم فقال: إني إنما أدعوك إلى الطعام و أحب أن تطأ ثيابي و تدخل منزلي فأتبرك بذلك و قد: أحب فلان بن فلان من وزراء الخليفة لقائك فصار إليه فلما أطعم منها أحس مآلم السم فدعا بدابته فسأله رب المنزل أن يقيم قال: خروجي من دارك خير لك، فلم يزل يومه ذلك و ليلته في خلفه حتى قبض. أقول: و رويت القصة بغيره من الطرق، و إنما أوردنا الرواية بطولها كبعض ما تقدمها من الروايات المتكررة لاشتمالها على أبحاث قرآنية دقيقة يستعان بها على فهم الآيات. و في الدر المنثور، أخرج أحمد و ابن جرير و ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمر: أن امرأة سرقت على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقطعت يدها اليمنى فقالت: هل لي من توبة يا رسول الله؟ قال: نعم أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك، فنزل الله في سورة المائدة: «فمن تاب من بعد ظلمه و أصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم». أقول: الرواية من قبيل التطبيق و اتصال الآية بما قبلها، و نزولهما معا ظاهر |
||