الميزان في تفسير القرآن

سورة المائدة

1 - 3

تابع
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَائِرَ اللَّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (3)

على أن الاقتصار على إباحة الميتة و أمثالها مما لا ينتج التغذي به إلا فساد المزاج و مضار الأبدان هو بنفسه خلاف الرحمة، و بعد ذلك كله لا يخلو عن الحرج العام الواجب نفيه.

بحث روائي

في تفسير العياشي، عن عكرمة عن ابن عباس قال: ما نزلت آية: «يا أيها الذين آمنوا» إلا و علي شريفها و أميرها، و لقد عاتب الله أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في غير مكان و ما ذكر عليا إلا بخير:. أقول: و روي في تفسير البرهان، عن موفق بن أحمد، عن عكرمة، عن ابن عباس: مثله إلى قوله: و أميرها. و رواه أيضا العياشي عن عكرمة.

و قد نقلنا الحديث سابقا عن الدر المنثور.

و في بعض الروايات عن الرضا (عليه السلام) قال: ليس في القرآن «يا أيها الذين آمنوا» إلا في حقنا و هو من الجري أو من باطن التنزيل.

و فيه، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: «يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود قال: العهود:. أقول: و رواه القمي، أيضا في تفسيره عنه. و في التهذيب، مسندا عن محمد بن مسلم قال: سألت أحدهما (عليهما السلام) عن قول الله عز و جل: «أحلت لكم بهيمة الأنعام» فقال: الجنين في بطن أمه إذا أشعر و أوبر فذكاته ذكاة أمه الذي عنى الله تعالى:. أقول: و الحديث مروي في الكافي، و الفقيه، عنه عن أحدهما، و روى هذا المعنى العياشي في تفسيره عن محمد بن مسلم عن أحدهما، و عن زرارة عن الصادق (عليه السلام)، و رواه القمي في تفسيره، و رواه في المجمع، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليه السلام).

و في تفسير القمي،: في قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله» الآية الشعائر: الإحرام و الطواف و الصلاة في مقام إبراهيم و السعي بين الصفا و المروة، و المناسك كلها من شعائر الله، و من الشعائر إذا ساق الرجل بدنة في حج ثم أشعرها أي قطع سنامها أو جلدها أو قلدها ليعلم الناس أنها هدي فلا يتعرض لها أحد. و إنما سميت الشعائر ليشعر الناس بها فيعرفوها، و قوله: «و لا الشهر الحرام» و هو ذو الحجة و هو من الأشهر الحرم، و قوله: «و لا الهدي» و هو الذي يسوقه إذا أحرم المحرم، و قوله: «و لا القلائد» قال: يقلدها النعل التي قد صلى فيها. قوله: «و لا آمين البيت الحرام» قال: الذين يحجون البيت و في المجمع، قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): نزلت هذه الآية في رجل من بني ربيعة يقال له: الحطم. قال: و قال السدي: أقبل الحطم بن هند البكري حتى أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وحده و خلف خيله خارج المدينة فقال: إلى ما تدعو؟ و قد كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لأصحابه: يدخل عليكم اليوم رجل من بني ربيعة يتكلم بلسان شيطان فلما أجابه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال؟ أنظرني لعلي أسلم و لي من أشاوره، فخرج من عنده فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لقد دخل بوجه كافر، و خرج بعقب غادر، فمر بسرح من سروح المدينة فساقه و انطلق به و هو يرتجز و يقول: قد لفها الليل بسواق حطم ليس براعي إبل و لا غنم. و لا بجزار على ظهر وضم باتوا نياما و ابن هند لم ينم. بات يقاسيها غلام كالزلم خدلج الساقين ممسوح القدم. ثم أقبل من عام قابل حاجا قد قلد هديا فأراد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يبعث إليه فنزلت هذه الآية: «و لا آمين البيت الحرام». قال: و قال ابن زيد: نزلت يوم الفتح في ناس يؤمون البيت من المشركين يهلون بعمرة، فقال المسلمون: يا رسول الله إن هؤلاء مشركون مثل هؤلاء دعنا نغير عليهم فأنزل الله تعالى الآية.

أقول: روى الطبري القصة عن السدي و عكرمة، و القصة الثانية عن ابن زيد و روي في الدر المنثور، القصة الثانية عن ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم و فيه: أنه كان يوم الحديبية.

و القصتان جميعا لا توافقان ما هو كالمتسلم عليه عند المفسرين و أهل النقل أن سورة المائدة نزلت في حجة الوداع، إذ لو كان كذلك كان قوله: «إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا»: البراءة: 28، و قوله: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم»: البراءة: 5 الآيتان جميعا نازلتين قبل قوله: «و لا آمين البيت الحرام» و لا محل حينئذ للنهي عن التعرض للمشركين إذا قصدوا البيت الحرام.

و لعل شيئا من هاتين القصتين أو ما يشابههما هو السبب لما نقل عن ابن عباس و مجاهد و قتادة و الضحاك: أن قوله: «و لا آمين البيت الحرام» منسوب بقوله: «فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم» الآية و قوله: «إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام» الآية، و قد وقع حديث النسخ في تفسير القمي، و ظاهره أنه رواية.

و مع ذلك كله تأخر سورة المائدة نزولا يدفع ذلك كله، و قد ورد من طرق أئمة أهل البيت (عليهم السلام) أنها ناسخة غير منسوخة على أن قوله تعالى فيها: «اليوم أكملت لكم دينكم» الآية يأبى أن يطرء على بعض آيها نسخ و على هذا يكون مفاد قوله: «و لا آمين البيت الحرام» كالمفسر بقوله بعد: «و لا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا»، أي لا تذهبوا بحرمة البيت بالتعرض لقاصديه لتعرض منهم لكم قبل هذا، و لا غير هؤلاء ممن صدوكم قبلا عن المسجد الحرام أن تعتدوا عليهم بإثم كالقتل أو عدوان كالذي دون القتل من الظلم بل تعاونوا على البر و التقوى.

و في الدر المنثور،: أخرج أحمد و عبد بن حميد: في هذه الآية يعني قوله: «و تعاونوا على البر» الآية: و البخاري في تاريخه، عن وابصة قال: أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و أنا لا أريد أن أدع شيئا من البر و الإثم إلا سألته عنه فقال لي: يا وابصة أخبرك عما جئت تسأل عنه أم تسأل؟ قلت: يا رسول الله أخبرني قال: جئت لتسأل عن البر و الإثم، ثم جمع أصابعه الثلاث فجعل ينكت بها في صدري و يقول: يا وابصة استفت قبلك استفت نفسك البر ما اطمأن إليه القلب و اطمأنت إليه النفس، و الإثم ما حاك في القلب، و تردد في الصدر و إن أفتاك الناس و أفتوك. و فيه:، أخرج أحمد و عبد بن حميد و ابن حبان و الطبراني و الحاكم و صححه و البيهقي عن أبي أمامة: أن رجلا سأل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الإثم فقال: ما حاك في نفسك فدعه. قال: فما الإيمان؟ قال: من ساءته سيئته و سرته حسنته فهو مؤمن. و فيه: أخرج ابن أبي شيبة و أحمد و البخاري في الأدب و مسلم و الترمذي و الحاكم و البيهقي في الشعب عن النواس بن سمعان قال: سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن البر و الإثم فقال: البر حسن الخلق و الإثم ما حاك في نفسك و كرهت أن يطلع عليه الناس.

أقول: الروايات - كما ترى - تبتني على قوله تعالى: «و نفس و ما سواها فألهمها فجورها و تقواها»: الشمس: 8 و تؤيد ما تقدم من معنى الإثم.

و في المجمع: و اختلف في هذا يعني قوله: و لا آمين البيت الحرام فقيل: منسوخ بقوله: «اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم» عن أكثر المفسرين، و قيل: ما نسخ من هذه السورة شيء، و لا من هذه الآية، لأنه لا يجوز أن يبتدأ المشركون في الأشهر الحرم بالقتال إلا إذا قاتلوا: ثم قال و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام) و في الفقيه، بإسناده عن أبان بن تغلب عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) أنه قال: الميتة و الدم و لحم الخنزير معروف، و ما أهل لغير الله به يعني ما ذبح على الأصنام، و أما المنخنقة فإن المجوس كانوا لا يأكلون الذبائح و يأكلون الميتة، و كانوا يخنقون البقر و الغنم فإذا خنقت و ماتت أكلوها، و الموقوذة كانوا يشدون أرجلها و يضربونها حتى تموت فإذا ماتت أكلوها، و المتردية كانوا يشدون عينها و يلقونها عن السطح فإذا ماتت أكلوها، و النطيحة كانوا يتناطحون بالكباش فإذا مات أحدهما أكلوه، و ما أكل السبع إلا ما ذكيتم فكانوا يأكلون ما يقتله الذئب و الأسد و الدب فحرم الله عز و جل ذلك، و ما ذبح على النصب كانوا يذبحون لبيوت النيران، و قريش كانوا يعبدون الشجر و الصخر فيذبحون لهما، و أن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق قال: كانوا يعمدون إلى جزور فيجتزون عشرة أجزاء ثم يجتمعون عليه فيخرجون السهام فيدفعونها إلى رجل و السهام عشرة، و هي: سبعة لها أنصباء، و ثلاثة لا أنصباء لها. فالتي لها أنصباء: الفذ و التوأم و المسبل و النافس و الحلس و الرقيب و المعلى، فالفذ له سهم، و التوأم له سهمان، و المسبل له ثلاثة أسهم، و النافس له أربعة أسهم، و الحلس له خمسة أسهم، و الرقيب له ستة أسهم، و المعلى له سبعة أسهم. و التي لا أنصباء لها: السفيح، و المنيح، و الوغد و ثمن الجزور على من لم يخرج له من الأنصباء شيء و هو القمار فحرمه الله.

أقول: و ما ذكر في الرواية في تفسير المنخنقة و الموقوذة و المتردية من قبيل البيان بالمثال كما يظهر من الرواية التالية، و كذا ذكر قوله:، إلا ما ذكيتم مع قوله: «و ما أكل السبع» و قوله: «ذلكم فسق مع قوله و أن تستقسموا بالأزلام» لا دلالة فيه على التقييد.

و في تفسير العياشي، عن عيوق بن قسوط: عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: «المنخنقة» قال: التي تنخنق في رباطها «و الموقوذة» المريضة التي لا تجد ألم الذبح و لا تضطرب و لا تخرج لها دم و «المتردية» التي تردى من فوق بيت أو نحوه «و النطيحة» التي تنطح صاحبها. و فيه، عن الحسن بن علي الوشاء عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: سمعته يقول: المتردية و النطيحة و ما أكل السبع أن أدركت ذكاته فكله. و فيه، عن محمد بن عبد الله عن بعض أصحابه قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك لم حرم الله الميتة و الدم و لحم الخنزير؟ فقال: إن الله تبارك و تعالى لم يحرم ذلك على عباده و أحل لهم ما سواه من رغبة منه تبارك و تعالى فيما حرم عليهم، و لا زهد فيما أحل لهم، و لكنه خلق الخلق، و علم ما يقوم به أبدانهم و ما يصلحهم فأحله و أباحه تفضلا منه عليهم لمصلحتهم، و علم ما يضرهم فنهاهم عنه و حرمه عليهم ثم أباحه للمضطر و أحله لهم في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلا به فأمره أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك. ثم قال: أما الميتة فإنه لا يدنو منها أحد و لا يأكلها إلا ضعف بدنه، و نحل جسمه، و وهنت قوته، و انقطع نسله، و لا يموت آكل الميتة إلا فجأة. و أما الدم فإنه يورث الكلب، و قسوة القلب، و قلة الرأفة و الرحمة، لا يؤمن أن يقتل ولده و والديه، و لا يؤمن على حميمه، و لا يؤمن على من صحبه. و أما لحم الخنزير فإن الله مسخ قوما في صور شتى شبه الخنزير و القرد و الدب و ما كان من الأمساخ ثم نهى عن أكل مثله لكي لا ينقع بها و لا يستخف بعقوبته. و أما الخمر فإنه حرمها لفعلها و فسادها، و قال. إن مدمن الخمر كعابد وثن و يورثه ارتعاشا و يذهب بنوره، و ينهدم مروته، و يحمله على أن يكسب على المحارم من سفك الدماء و ركوب الزنا، و لا يؤمن إذا سكر أن يثبت على حرمة و هو لا يعقل ذلك، و الخمر لم يؤد شاربها إلا إلى كل شر.

بحث روائي آخر

في غاية المرام، عن أبي المؤيد موفق بن أحمد في كتاب فضائل علي، قال: أخبرني سيد الحفاظ شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي فيما كتب إلي من همدان، أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة، حدثنا عبد الله بن إسحاق البغوي، حدثنا الحسين بن عليل الغنوي، حدثنا محمد بن عبد الرحمن الزراع، حدثنا قيس بن حفص، حدثنا علي بن الحسين، حدثنا أبو هريرة عن أبي سعيد الخدري: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم دعا الناس إلى غدير خم أمر بما تحت الشجرة من شوك فقم، و ذلك يوم الخميس يوم دعا الناس إلى علي و أخذ بضبعه ثم رفعها حتى نظر الناس إلى بياض إبطيه ثم لم يفترقا حتى نزلت هذه الآية: «اليوم أكملت لكم دينكم - و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا» فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الله أكبر على إكمال الدين و إتمام النعمة و رضا الرب برسالتي و الولاية لعلي، ثم قال: اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله. و قال حسان بن ثابت: أ تأذن لي يا رسول الله أن أقول أبياتا؟ قال: قل ينزله الله تعالى، فقال حسان بن ثابت: يناديهم يوم الغدير نبيهم بخم و أسمع بالنبي مناديا. بأني مولاكم نعم و وليكم فقالوا و لم يبدو هناك التعاميا. إلهك مولانا و أنت ولينا و لا تجدن في الخلق للأمر عاصيا. فقال له قم يا علي فإنني رضيتك من بعدي إماما و هاديا و عن كتاب نزول القرآن، في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب للحافظ أبي نعيم رفعه إلى قيس بن الربيع، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري: مثله، و قال في آخر الأبيات: فمن كنت مولاه فهذا وليه فكونوا له أنصار صدق مواليا. هناك دعا اللهم وال وليه و كن للذي عادى عليا معاديا و عن نزول القرآن، أيضا يرفعه إلى علي بن عامر عن أبي الحجاف عن الأعمش عن عضة قال: نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في علي بن أبي طالب: «يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك» و قد قال الله تعالى: «اليوم أكملت لكم دينكم - و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا».

و عن إبراهيم بن محمد الحمويني قال: أنبأني الشيخ تاج الدين أبو طالب علي بن الحسين بن عثمان بن عبد الله الخازن، قال: أنبأنا الإمام برهان الدين ناصر بن أبي المكارم المطرزي إجازة، قال: أنبأنا الإمام أخطب خوارزم أبو المؤيد موفق بن أحمد المكي الخوارزمي، قال: أنبأني سيد الحفاظ في ما كتب إلي من همدان، أنبأنا الرئيس أبو الفتح كتابة، حدثنا عبد الله بن إسحاق البغوي، نبأنا الحسن بن عقيل الغنوي، نبأنا محمد بن عبد الله الزراع، نبأنا قيس بن حفص قال: حدثني علي بن الحسين العبدي عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري، و ذكر مثل الحديث الأول.

و عن الحمويني أيضا عن سيد الحفاظ و أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد المقرىء الحافظ عن أحمد بن عبد الله بن أحمد، قال: نبأنا محمد بن أحمد بن علي، قال: نبأنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قال: نبأنا يحيى الحماني، قال: حدثنا قيس بن الربيع عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري، و ذكر مثل الحديث الأول.

قال: قال الحمويني عقيب هذا الحديث: هذا حديث له طرق كثيرة إلى أبي سعيد سعد بن مالك الخدري الأنصاري.

و عن المناقب الفاخرة، للسيد الرضي رحمه الله عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر، عن أبيه عن جده قال: لما انصرف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من حجة الوداع نزل أرضا يقال له: ضوجان، فنزلت هذه الآية: «يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك - و إن لم تفعل فما بلغت رسالته و الله يعصمك من الناس» فلما نزلت عصمته من الناس نادى: الصلاة جامعة فاجتمع الناس إليه، و قال: من أولى منكم بأنفسكم: فضجوا بأجمعهم فقالوا: الله و رسوله فأخذ بيد علي بن أبي طالب، و قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله لأنه مني و أنا منه، و هو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي و كانت آخر فريضة فرضها الله تعالى على أمة محمد ثم أنزل الله تعالى على نبيه: «اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي - و رضيت لكم الإسلام دينا». قال أبو جعفر: فقبلوا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كل ما أمرهم الله من الفرائض في الصلاة و الصوم و الزكاة و الحج، و صدقوه على ذلك. قال ابن إسحاق: قلت لأبي جعفر: ما كان ذلك؟ قال لتسع عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة عشرة عند منصرفه من حجة الوداع، و كان بين ذلك و بين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مائة يوم و كان سمع رسول الله بغدير خم اثنا عشر. و عن المناقب، لابن المغازلي يرفعه إلى أبي هريرة قال: من صام يوم ثمانية عشر من ذي الحجة كتب الله له صيامه ستين شهرا، و هو يوم غدير خم، بها أخذ النبي بيعة علي بن أبي طالب، و قال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه، و انصر من نصره، فقال له عمر بن الخطاب: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي و مولى كل مؤمن و مؤمنة، فأنزل الله تعالى: «اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت».

و عن المناقب، لابن مردويه و كتاب سرقات الشعر، للمرزباني عن أبي سعيد الخدري مثل ما تقدم عن الخطيب.

أقول: و روى الحديثين في الدر المنثور، عن أبي سعيد و أبي هريرة و وصف سنديهما بالضعف.

و قد روي بطرق كثيرة تنتهي من الصحابة لو دقق فيها إلى عمر بن الخطاب و علي بن أبي طالب و معاوية و سمرة: أن الآية نزلت يوم عرفة من حجة الوداع و كان يوم الجمعة، و المعتمد منها ما روي عن عمر فقد رواه عن الحميدي و عبد بن حميد و أحمد البخاري و مسلم و الترمذي و النسائي و ابن جرير و ابن المنذر و ابن حبان و البيهقي في سننه عن طارق بن شهاب عن عمر، و عن ابن راهويه في مسنده و عبد بن حميد عن أبي العالية عن عمر، و عن ابن جرير عن قبيصة بن أبي ذؤيب عن عمر، و عن البزاز عن ابن عباس، و الظاهر أنه يروي عن عمر.

يتبع...

العودة إلى القائمة

التالي