تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المدثر

35

((إِنَّهَا))، أي "سقر" التي تقدم الكلام حولها ((لَإِحْدَى)) الآيات ((الْكُبَرِ)) جمع كبرى، أي إحدى آيات الله العظمى، فإن من قدر على خلق تلك الآيات من القمر والليل والنهار لقادر على خلق النار وسقر لتعذيب الكفار وغير المؤمنين، ولعل اختيار الحلف بهذه الأمور لإيحائها بالظلمة المختلطة بشيء من الضياء، كالنار التي هي كذلك، كما أن سكون الأمور يوحي بسكون أهل النار الشبيه بالموت، بخلاف أهل الجنة الذين هم أحياء.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المدثر

36

في حال كونها ((نَذِيرًا لِّلْبَشَرِ))، تنذرهم بأنهم إن لم يؤمنوا بها ابتلوا بها، كما تقول هذه السلاسل تنذر المجرمين.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المدثر

37

((لِمَن شَاء مِنكُمْ)) أيها البشر ((أَن يَتَقَدَّمَ)) إلى الخير لينجوا ((أَوْ يَتَأَخَّرَ)) بالعصيان حتى يبتلي، فلكل إنسان أن يختار مصيره - إما إلى الجنة إما إلى النار.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المدثر

38

((كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ)) من الطاعة أو المعصية ((رَهِينَةٌ))، كالرهن الذي هو محبوس في مقابل الديْن، فإن وفىّ الديْن فُك وإلا لم يُفك، وكذلك إذا وفىّ الإنسان بما عليه من الإيمان والطاعة فُك وحظي بالثواب، وإلا كان مصيره النار والبقاء في حبس الأبد.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المدثر

39

((إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ)) الذين يعطى كتباهم بأيمانهم ويؤخذ بهم - يوم القيامة - ذات اليمين نحو الجنان، فإنهم فكوا أنفسهم من الرهن بأعمالهم الصالحة.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المدثر

40

فإنهم ((فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ))، أي يسأل بعضهم عن بعض أو عن الملائكة أو عن نفس المجرمين.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المدثر

41

((عَنِ الْمُجْرِمِينَ)) وعلى الأولين، يلتفتون بعد السؤال إلى المجرمين، كما قال سبحانه: (إني كان لي قرين) إلى قوله: (فاطلع فرآه في سواء الجحيم، قال تالله إن كدت لتردين)، وعلى الثالث يكون المسؤول ابتداء هو المجرم.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المدثر

42

فيقولون: ((مَا سَلَكَكُمْ))، أي ما أدخلكم أيها المجرمون ((فِي سَقَرَ)): في هذه النار العظيمة؟

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المدثر

43

((قَالُوا))، أي المجرمون في جوابهم: ((لَمْ نَكُ)) نحن في الدنيا ((مِنَ الْمُصَلِّينَ))، أي ما كنا نصلي الصلوات المفروضة.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المدثر

44

((وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ)) إطعاماً واجباً، بإعطاء الزكاة ونحوها.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المدثر

45

((وَكُنَّا نَخُوضُ)) في الباطل ((مَعَ الْخَائِضِينَ))، أي مع الذين يخوضون في الباطل، وأصل "الخوض" الدخول في الشيء بجميع الجسم، فكأن الباطل شيء يخاض فيه.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المدثر

46

((وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ))، "الدين" هو الجزاء، أي لا نعترف بيوم القيامة، بل نقول أنه كذب لا يكون.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المدثر

47

((حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ))، أي الموت، بأن لم نتب قبل أن نموت، وسمي الموت يقيناً لأنه سبب لانكشاف ذلك العالم لدى الإنسان حتى يتيقن بما هناك.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المدثر

48

وإذا كانوا كذلك في الدنيا ((فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ))، أي الذين يشفعون للمذنبين من الأنبياء والملائكة ومن أشبههم، إذ ذنبهم فوق حد الشفاعة، وهذا من باب السالبة بانتفاء الموضوع، إذ لا يشفع لهم أحد حتى تنفع.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المدثر

49

ثم يأتي السياق عن عنادهم في الباطل ((فَمَا لَهُمْ))، أي ما لهؤلاء الكفار ((عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ))؟ أي لِمَ أعرضوا عن القرآن الذي يذكرهم بالحقائق وبما فيه نفعهم؟ وأي خير لهم في هذا الإعراض؟

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المدثر

50

((كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ)) جمع "حمار"، ((مُّسْتَنفِرَةٌ))، أي وحشية نافرة، و"استنفر" بمعنى نفر، كأنها طلبت من نفسها الفرار لِما شاهدت من الخوف، وتشبيههم بالحمار لعدم إدراكهم وبلادتهم.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المدثر

51

((فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ))، أي من الأسد، فإن الحمار إذا شاهد الأسد فر منه، وكذلك الكفار يفرون من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المدثر

52

((بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَى))، أي يعطى في يوم القيامة ((صُحُفًا مُّنَشَّرَةً)) بأن يُوحى إليه وينزل عليه الكتاب من الله سبحانه كما قال سبحانه: (وقالوا لولا نزل عليه الملائكة)، أو المراد أنهم مع هذا الإعراض عن الحق يريد أن يُعطى كتابه يوم القيامة منشورا فيه الحسنات، إذ الكتاب إذا كان فيه السيئات يطوى لئلا يطلع عليه أحد، أما إذا كان فيه الحسنات ينشر على رؤوس الأشهاد للافتخار والمباهاة، كأن الإتيان بـ: "بل" لإفادة أنهم مع الكفر يتوقعون هذا.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المدثر

53

((كَلَّا)) لا يعطون كتاباً منشورا، فإنهم لم يعملوا ما يستحقون به ذلك، ((بَل لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ)) حتى يدخلوا في زمرة المؤمنين الموجب لإعطاء كتاب منشور بأيديهم، أو المراد أنهم حيث لا يخافون الآخرة أعرضوا عن التذكرة.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المدثر

54

((كَلَّا)) ليس الأمر على ما توهموا من أن إعراضهم خير لهم، ((إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ))، أي القرآن يذكرهم.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المدثر

55

((فَمَن شَاء)) التذكرة والاهتداء والخير ((ذَكَرَهُ))، أي اتعظ به، ومن لم يشأ فهو شأنه.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المدثر

56

((وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ))، فإن التذكر له طرفان: إرادة الله سبحانه بإرسال الرسول وإرشاد الناس، وتقبل الإنسان، فتذكرهم مرتبط بإرادة الله، وقد أراد سبحانه وأرشد، فبقي عليهم أن يقبلوا، ((هُوَ)) سبحانه ((أَهْلُ التَّقْوَى))، أي أهل لأن يُتقى منه، إذ الإنسان إنما يتقي من العالم القادر الذي إذا خالفه الإنسان علم بالمخالفة وعاقب، وكل ذلك موجود فيه سبحانه، ((وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ))، أي أهل لأن يغفر الذنب لمن اتقاه وجاء إلى الطريق، فاتقوه أيها الناس حتى يغفر لكم.

العودة إلى القائمة

النهاية