تفسير نور الثقلين |
سورة البقرة |
74 |
|
ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74) |
||
244 - في كتاب الاحتجاج للطبرسى (ره) وقال ابومحمد الحسن العسكرى عليه السلام لما نزلت هذه الآية ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهى كالحجارة او اشد قسوة في حق اليهود والنواصب، فغلظ ما وبخهم به رسول الله صلى الله عليه وآله فقال جماعة من رؤسائهم وذوى الالسن والبيان منهم يا محمد انك تهجونا وتدعى على قلوبنا ما الله يعلم منها خلافة، ان فيها خيرا كثيرا نصوم ونتصدى ونواسى الفقراء! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله انما الخير ما اريد به وجه الله وعمل على ما امر الله تعالى فاما ما اريد به الرياء والسمعة ومعاندة رسول الله صلى الله عليه وآله واظهار الغنى عليه والتمالك والشرف فليس بخير بل هو الشر الخالص ووبال على صاحبه يعذبه الله به اشد العذاب، فقالوا له يا محمد انت تقول هذا ونحن نقول بل ما نتفقه الا لابطال أمرك ورفع رياستك ولتفريق اصحابك عنك وهو الجهاد الاعظم نومل به من الله الثواب الاجل الاجسم والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة وفيه الزامهم على الوجه الاعظم. 245 - في الخرايج والجرايح روى عن الحسين بن على عليهم السلام في قوله تعالى (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهى كالحجارة او أشد قسوة) قال. انه يقول يبست قلوبكم معاشر اليهود كالحجارة اليابسة، لاترشح برطوبته، اى انكم لاحق الله تؤدون. ولا لاموالكم تتصدقون ولا بالمعروف تتكرمون، ولا للضيف تقرون ولامكروبا تغيثون، ولابشئ من الانسانية تعاشرون وتواصلون، أو أشد قسوة ابهم على السامعين ولم يبين لهم كما يقول القائل. أكلت خبزا أو لحما، وهو لايريد به انه لاأدرى أن يبهم على السامع حتى لايعلم ما إذا أكل، وان كان يعلم ان قد أكل أيهما، (وان من الحجارة لما يتفجر منه الانهار) اى قلوبكم في القساوة بحيث لايجئ منها خير يا يهودى، وفى الحجارة مايتفجر منه الانهار فتجيئ بالخير والنبات لبنى آدم، (وان منها) اى من الحجارة (لما يشقق فيخرج منه الماء) دون الانهار وقلوبكم لايجيئ منها الكثير من الخير ولاالقليل (وان منها لم يهبط) اى من الحجارة ان اقسم عليها باسم الله تهبط، وليس في قلوبكم شئ منه فقالوا، زعمت يامحمدان الحجارة الين من قلوبنا وهذه الجبال بحضرتنا فاستشهدها على تصديقك فان نطقت بتصديقك فأنت المحق، فخرجوا إلى أو عرجبل1 فقالوا، استشهده فقال رسول الله صلى الله عليه وآله، اسئلك يا جبل بجاه محمد وآله الطيبين الذين بذكر اسمائهم خفف الله العرش على كواهل ثمانية من الملائكة بعد أن لم يقدروا على تحريكه، فتحرك الجبل وفاض الماء، فنادى، اشهد انك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وان قلوب هؤلاء اليهود كما وصفت أقسى من الحجارة فقال اليهود، اعلينا تلبس اجلست اصحابك خلف هذا الجبل ينطقون بمثل هذا، فان كنت صادقا فتنح من موضعك إلى ذى القرار، ومر هذا الجبل يسير اليك، ومره أن ينقطع نصفين ترتفع السفلى وتنخفض العليا، فأشار إلى حجرتد حرج، فتد حرج، ثم قال لمخاطبه، خذه وقربه فستعيد عليك ماسمعت، فان هذا خير من ذلك الجبل فاخذه الرجل فادناه من اذنه فنطق الحجر بمثل ما نطق به الجبل، قال: فأتنى بما اقترحت، فتباعد رسول الله صلى الله عليه وآله إلى فضاء واسع ثم نادى، ايها الجبل بحق محمد وآله الطيبين لما اقتلعت من مكانك باذن الله، وجئت إلى حضرتى، فتزلزل الجبل وسار مثل ألفرس الهملاج2 فنادى: أنا سامع لك ومطيع امرك، فقال: هؤلاء اقترحوا على ان آمرك ان تنقطع من اصلك فتصير نصفين فينحط أعلاك ويرتفع أسفلك، فانقطع نصفين وارتفع أسفله وانخفض أعلاه، فصار فرعه أصله ثم نادى الجبل: اهذا الذي ترون دون معجزات موسى الذي يزعمون انكم به تؤمنون ؟ فقال رجل منهم، هذا رجل تتأتى له العجايب فنادى الجبل، ياعدوالله ابطلتم بما تقولون نبوة موسى حيث كان وقوف الجبل فوقهم كالظلل، فيقال: هو رجل تتأتى له العجايب فلزمتهم الحجة ولم يسلموا. يتبع... |
||
(1) الاوعر: المكان الصلب ضد السهل.
|
||