مجمع البيان

سورة المدثر

1 - 10

تابع
يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7) فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10)

قال السدي يقال للرجل إذا كان صالحا أنه لطاهر الثياب و إذا كان فاجرا إنه لخبيث الثياب و قيل معناه و ثيابك فقصر عن طاووس و روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال الزجاج لأن تقصير الثوب أبعد من النجاسة فإنه إذا انجر على الأرض لم يؤمن أن يصيبه ما ينجسه و قيل معناه و ثيابك فاغسلها عن النجاسة بالماء لأن المشركين كانوا لا يتطهرون عن ابن زيد و ابن سيرين و قيل لا يكن ثيابك من حرام عن ابن عباس و قيل معناه و أزواجك فطهرهن عن الكفر و المعاصي حتى يصرن مؤمنات صالحات و العرب تكني بالثياب عن النساء عن أبي مسلم و روى أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال أمير المؤمنين (عليه السلام) غسل الثياب يذهب الهم و الحزن و هو طهور المصلاة و تشمير الثياب طهور لها و قد قال الله سبحانه «و ثيابك فطهر» أي فشمر «و الرجز فاهجر» أي اهجر الأصنام و الأوثان عن ابن عباس و مجاهد و قتادة و الزهري و قيل معناه اجتنب المعاصي عن الحسن قال الكسائي الرجز بالكسر العذاب و بالضم الصنم و قال المعنى أهجر ما يؤدي إلى العذاب و لم يفرق غيره بينهما و قيل معناه جانب الفعل القبيح و الخلق الذميم عن الجبائي و قيل معناه أخرج حب الدنيا من قلبك لأنه رأس كل خطيئة «و لا تمنن تستكثر» أي لا تعط عطية لتعطى أكثر منها و هذا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خاصة أدبه الله سبحانه بأكرم الآداب و أشرفها عن ابن عباس و مجاهد و قتادة و النخعي و الضحاك و قيل معناه و لا تمنن حسناتك على الله تعالى مستكثرا لها فينقصك ذلك عند الله عن الحسن و ربيع بن أنس و قيل معناه لا تمنن ما أعطاك الله من النبوة و القرآن مستكثرا به الأجر من الناس عن ابن زيد و قيل هو نهي عن الربا المحرم أي لا تعط شيئا طالبا أن تعطي أكثر مما أعطيت عن أبي مسلم و قيل لا تضعف في عملك مستكثرا لطاعاتك عن مجاهد و قيل و لا تمنن بعطائك على الناس مستكثرا ما أعطيته فإن متاع الدنيا قليل و لأن المن يكدر الصنيعة و قيل معناه إذا أعطيت عطية فأعطها لربك و اصبر حتى يكون هو الذي يثيبك عليها عن زيد بن أسلم و قيل معناه لا تمنن بإبلاغ الرسالة على أمتك عن الجبائي «و لربك» أي لوجه ربك «فاصبر» على أذى المشركين عن مجاهد و قيل فاصبر على ما أمرك الله به من أداء الرسالة و تعظيم الشريعة و على ما ينالك من التكذيب و الأذى لتنال الفوز و الذخر و قيل فاصبر عن المعاصي و على الطاعات و المصائب و قيل فاصبر لله على ما حملت من الأمور الشاقة في محاربة العرب و العجم عن ابن زيد «فإذا نقر في الناقور» معناه إذا نفخ في الصور و هي كهيئة البوق عن مجاهد و قيل إن ذلك في النفخة الأولى و هو أول الشدة الهائلة العامة و قيل إنه النفخة الثانية و عندها يحيي الله الخلق و تقوم القيامة و هي صيحة الساعة عن الجبائي «فذلك يومئذ» قد مر معناه في الأعراف «يوم عسير» أي شديد «على الكافرين» لنعم الله الجاحدين لآياته «غير يسير»

غير هين و لا سهل و هو بمعنى قوله «عسير» إلا أنه أعاده بلفظ آخر للتأكيد كما تقول إني واد لفلان غير مبغض و قيل معناه عسير في نفسه و غير عسير على المؤمنين لما يرون من حسن العاقبة.

العودة إلى القائمة

التالي