الميزان في تفسير القرآن

سورة الطلاق

1 - 7

تابع
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) وَالَّلائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَالَّلائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5) أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6) لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)

و فيه، بإسناده عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أعطي ثلاثا لم يمنع ثلاثا: من أعطي الدعاء أعطي الإجابة، و من أعطي الشكر أعطي الزيادة، و من أعطي التوكل أعطي الكفاية. قال: أ تلوت كتاب الله عز و جل؟ «و من يتوكل على الله فهو حسبه» و قال: «و لئن شكرتم لأزيدنكم» و قال: «ادعوني أستجب لكم».

و فيه، بإسناده عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: «و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب» قال: في دنياه.

و في الدر المنثور، أخرج عبد بن حميد و ابن جرير و ابن أبي حاتم عن سالم بن أبي الجعد قال: نزلت هذه الآية: «و من يتق الله يجعل له مخرجا» في رجل من أشجع أصابه جهد و بلاء و كان العدو أسروا ابنه فأتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: اتق الله و اصبر، فرجع ابن له كان أسيرا قد فكه الله فأتاهم و قد أصاب أعنزا فجاء فذكر ذلك للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فنزلت فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): هي لك.

و فيه، أخرج أبو يعلى و أبو نعيم و الديلمي من طريق عطاء بن يسار عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): في قوله: «و من يتق الله يجعل له مخرجا» قال: من شبهات الدنيا و من غمرات الموت و من شدائد يوم القيامة.

و فيه، أخرج الحاكم و صححه و ابن مردويه و البيهقي عن أبي ذر قال: جعل رسول الله يتلو هذه الآية «و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب» فجعل يرددها حتى نعست. ثم قال: يا أبا ذر لو أن الناس كلهم أخذوا بها لكفتهم.

و فيه، أخرج ابن أبي حاتم و الطبراني و الخطيب عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من انقطع إلى الله كفاه الله كل مئونة و رزقه من حيث لا يحتسب و من انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها.

و فيه، أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رفع الحديث إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله، و من أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يده، و من أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله.

أقول: و قد تقدم في ذيل الكلام على الآيات معنى هذه الروايات.

و في الكافي، بإسناده عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: عدة المرأة التي لا تحيض و المستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر، و عدة التي تحيض و يستقيم حيضها ثلاثة قروء، و سألته عن قول الله عز و جل: «إن ارتبتم» ما الريبة؟ فقال: ما زاد على شهر فهو ريبة فلتعتد ثلاثة أشهر و ليترك الحيض الحديث.

و فيه، بإسناده عن محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: عدة الحامل أن تضع حملها و عليه نفقتها بالمعروف حتى تضع حملها.

و فيه، بإسناده عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا طلق الرجل المرأة و هي حبلى أنفق عليها حتى تضع حملها فإذا وضعته أعطاها أجرها و لا تضارها إلا أن يجد من هي أرخص أجرا منها فإن رضيت بذلك الأجر فهي أحق بابنها حتى تفطمه.

و في الفقيه، بإسناده عن ربعي بن عبد الله و الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز و جل: «و من قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله» قال: إن أنفق عليها ما يقيم ظهرها مع الكسوة و إلا فرق بينهما:. أقول: و رواه في الكافي بإسناده عن أبي بصير عنه (عليه السلام).

و في تفسير القمي،: في قوله: «و أولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن» قال: المطلقة الحامل أجلها أن تضع ما في بطنها إن وضعت يوم طلقها زوجها فلها أن تتزوج إذا طهرت، و أن تضع ما في بطنها إلى تسعة أشهر لم تتزوج إلا أن تضع.

و في الكافي، بإسناده عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سألته عن الحبلى إذا طلقها زوجها فوضعت سقطا تم أو لم يتم أو وضعته مضغة؟ قال: كل شيء وضعته يستبين أنه حمل تم أو لم يتم فقد انقضت عدتها.

و في الدر المنثور، أخرج ابن المنذر عن مغيرة قال: قلت للشعبي: ما أصدق إن علي بن أبي طالب كان يقول: عدة المتوفى عنها زوجها آخر الأجلين. قال: بلى فصدق به كأشد ما صدقت بشيء كان علي يقول: إنما قوله: «و أولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن» في المطلقة.

و فيه، أخرج عبد الرزاق عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا عمرو بن حفص بن المغيرة خرج مع علي إلى اليمن فأرسل إلى امرأته فاطمة بنت قيس بتطليقة كانت بقيت من طلاقها، و أمر لها الحارث بن هشام و عباس بن أبي ربيعة بنفقة فاستقلتها فقالا لها و الله ما لك نفقة إلا أن تكوني حاملا فأتت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فذكرت له أمرها فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لا نفقة لك فاستأذنته في الانتقال فأذن لها. فأرسل إليها مروان يسألها عن ذلك فحدثته فقال مروان: لم أسمع بهذا الحديث إلا من امرأة سنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها فقالت فاطمة: بيني و بينكم كتاب الله قال الله عز و جل: «و لا يخرجن - إلا أن يأتين بفاحشة مبينة» حتى بلغ «لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا» قالت: هذا لمن كانت له مراجعة فأي أمر يحدث بعد الثلاث؟ فكيف تقولون: لا نفقة إذا لم تكن حاملا؟ فعلا م تحبسونها؟. و لكن يتركها حتى إذا حاضت و طهرت طلقها تطليقة فإن كانت تحيض فعدتها ثلاث حيض، و إن كانت لا تحيض فعدتها ثلاثة أشهر، و إن كانت حاملا فعدتها أن تضع حملها و أن أراد مراجعتها قبل أن تنقضي عدتها أشهد على ذلك رجلين كما قال الله: «و أشهدوا ذوي عدل منكم» عند الطلاق و عند المراجعة. فإن راجعها فهي عنده على طلقتين و إن لم يراجعها فإذا انقضت عدتها فقد بانت عدتها منه بواحدة و هي أملك لنفسها ثم تتزوج من شاءت هو أو غيره.

العودة إلى القائمة

التالي