الميزان في تفسير القرآن

سورة النساء

23 - 28

تابع
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ الَّلاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ الَّلاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ الَّلاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (23) وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24) وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (25) يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا (28)

و في الكافي، و تفسير العياشي، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله عز و جل: و المحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم قال: هو أن يأمر الرجل عبده و تحته أمته فيقول له: اعتزل امرأتك و لا تقربها ثم يحبسها عنه حتى تحيض ثم يمسها فإذا حاضت بعد مسه إياها ردها عليه بغير نكاح.

و في تفسير العياشي، عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أحدهما (عليهما السلام): في قول الله: و المحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم قال: هن ذوات الأزواج إلا ما ملكت أيمانكم إن كنت زوجت أمتك غلامك نزعتها منه إذا شئت، فقلت أ رأيت إن زوج غير غلامه؟ قال ليس له أن ينزع حتى تباع، فإن باعها صار بضعها في يد غيره فإن شاء المشتري فرق، و إن شاء أقر.

و في الدر المنثور، أخرج أحمد و أبو داود و الترمذي و حسنه و ابن ماجة عن فيروز الديلمي: أنه أدركه الإسلام و تحته أختان، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): طلق أيتهما شئت.

و فيه، أخرج ابن عبد البر في الإستذكار عن إياس بن عامر قال: سألت علي بن أبي طالب فقلت: إن لي أختين مما ملكت يميني اتخذت إحداهما سرية و ولدت لي أولادا ثم رغبت في الأخرى فما أصنع؟ قال: تعتق التي كنت تطأ ثم تطأ الأخرى. ثم قال: إنه يحرم عليك مما ملكت يمينك ما يحرم عليك في كتاب الله من الحرائر إلا العدد أو قال: إلا الأربع، و يحرم عليك من الرضاع ما يحرم عليك في كتاب الله من النسب: أقول: و رواه بطرق أخر غير هذا الطريق عنه.

و في صحيحي البخاري و مسلم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يجمع بين المرأة و عمتها، و لا بين المرأة و خالتها.

أقول: و هذا المعنى مروي بغير الطريقين من طرق أهل السنة، لكن المروي من طرق أئمة أهل البيت خلاف ذلك، و الكتاب يساعده.

و في الدر المنثور، أخرج الطيالسي و عبد الرزاق و الفريابي و ابن أبي شيبة و أحمد و عبد بن حميد و مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي و أبو يعلى و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و الطحاوي و ابن حيان و البيهقي في سننه عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعث يوم حنين جيشا إلى أوطاس فلقوا عدوا فقاتلوهم فظهروا عليهم و أصابوا لهم سبايا فكأن ناسا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين فأنزل الله في ذلك: «و المحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم» يقول: إلا ما أفاء الله عليكم، فاستحللنا بذلك فروجهن: أقول: و روي ذلك عن الطبراني عن ابن عباس.

و فيه، أخرج عبد بن حميد عن عكرمة: أن هذه الآية التي في سورة النساء: «و المحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم» نزلت في امرأة يقال لها معاذة، و كانت تحت شيخ من بني سدوس يقال له: شجاع بن الحارث، و كان معها ضرة لها قد ولدت لشجاع أولادا رجالا، و أن شجاعا انطلق يمير أهله من هجر، فمر بمعاذة ابن عم لها فقالت له: احملني إلى أهلي فإنه ليس عند هذا الشيخ خير، فاحتملها فانطلق بها فوافق ذلك جيئة الشيخ، فانطلق إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله و أفضل العرب، إني خرجت أبغيها الطعام في رجب، فتولت و ألطت بالذنب، و هي شر غالب لمن غلب، رأت غلاما واركا على قتب، لها و له أرب، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): علي علي، فإن كان الرجل كشف بها ثوبا فارجموها، و إلا فردوا إلى الشيخ امرأته، فانطلق مالك بن شجاع و ابن ضرتها فطلبها فجاء بها، و نزلت بيتها. أقول: و قد مر مرارا أن أمثال هذه الأسباب المروية للنزول و خاصة فيما كانت متعلقة بأبعاض الآيات و أجزائها تطبيقات من الرواة و ليست بأسباب حقيقية.

في الفقيه، سئل الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: و المحصنات من النساء قال: هن ذوات الأزواج، فقيل: و المحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، قال هن العفائف: أقول: و رواه العياشي أيضا عنه (عليه السلام).

و في المجمع، في قوله تعالى: و من لم يستطع منكم طولا أي من لم يجد منكم غنى قال: و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام): و في الكافي، عن الصادق (عليه السلام) قال: لا ينبغي أن يتزوج الحر المملوكة اليوم، إنما كان ذلك حيث قال الله عز و جل: و من لم يستطع منكم طولا، و الطول المهر، و مهر الحرة اليوم مهر الأمة أو أقل.

أقول: الغنى أحد مصاديق الطول كما تقدم، و الرواية لا تدل على أزيد من الكراهة.

و في التهذيب، بإسناده عن أبي العباس البقباق قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يتزوج الرجل الأمة بغير علم أهلها؟ قال: هو زنا، إن الله تعالى يقول: فانكحوهن بإذن أهلهن.

و فيه، بإسناده عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت الرضا (عليه السلام) يتمتع بالأمة بإذن أهلها؟ قال: نعم إن الله عز و جل يقول: فانكحوهن بإذن أهلهن.

و في تفسير العياشي، عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال: سألته عن قول الله في الإماء «فإذا أحصن» ما إحصانهن؟ قال: يدخل بهن، قلت: فإن لم يدخل بهن ما عليهن حد؟ قال: بلى.

و فيه، عن حريز قال: سألته عن المحصن فقال: الذي عنده ما يغنيه.

و في الكافي، بإسناده عن محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في العبيد و الإماء إذا زنا أحدهم أن يجلد خمسين جلدة إن كان مسلما أو كافرا أو نصرانيا، و لا يرجم و لا ينفى.

و فيه، بإسناده عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن عبد مملوك قذف حرا قال: يجلد ثمانين، هذا من حقوق الناس، فأما ما كان من حقوق الله عز و جل فإنه يضرب نصف الحد. قلت: الذي من حقوق الله عز و جل ما هو؟ قال: إذا زنا أو شرب خمرا، فهذا من الحقوق التي يضرب عليها نصف الحد.

و في التهذيب، بإسناده عن بريد العجلي عن أبي جعفر (عليه السلام): في الأمة تزني قال: تجلد نصف الحد كان لها زوج أو لم يكن.

و في الدر المنثور، أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: المسافحات المعلنات بالزنا المتخذات أخدان ذات الخليل الواحد، قال: كان أهل الجاهلية يحرمون ما ظهر من الزنا و يستحلون ما خفي، يقولون: أما ما ظهر منه فهو لؤم، و أما ما خفي فلا بأس بذلك، فأنزل الله: و لا تقربوا الفواحش ما ظهر منها و ما بطن.

أقول: و الروايات فيما تقدم من المعاني كثيرة اقتصرنا منها على أنموذج يسير.

بحث آخر روائي

في الكافي، بإسناده عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن المتعة، فقال: نزلت في القرآن: فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة - و لا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة.

و فيه، بإسناده عن ابن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إنما نزلت: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة: أقول: و روى هذه القراءة العياشي عن أبي جعفر (عليه السلام)، و رواها الجمهور بطرق عديدة عن أبي بن كعب و عبد الله بن عباس كما سيأتي: و لعل المراد بأمثال هذه الروايات الدلالة على المعنى المراد من الآية دون النزول اللفظي.

و فيه، بإسناده عن زرارة قال: جاء عبد الله بن عمير الليثي إلى أبي جعفر (عليه السلام) فقال له: ما تقول في متعة النساء؟ فقال: أحلها الله في كتابه و على لسان نبيه فهي حلال إلى يوم القيامة، فقال: يا أبا جعفر مثلك يقول هذا و قد حرمها عمر و نهى عنها؟ فقال: و إن كان فعل. فقال: إني أعيذك بالله من ذلك أن تحل شيئا حرمه عمر. قال: فقال له: فأنت على قول صاحبك، و أنا على قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهلم ألاعنك أن القول ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، و أن الباطل ما قال صاحبك، فأقبل عبد الله بن عمير فقال: أ يسرك أن نساءك و بناتك و أخواتك و بنات عمك يفعلن؟ قال: فأعرض عنه أبو جعفر (عليه السلام) حين ذكر نساءه و بنات عمه.

و فيه، بإسناده عن أبي مريم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المتعة نزل بها القرآن و جرت بها السنة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

و فيه، بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سمعت أبا حنيفة يسأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن المتعة. فقال: أي المتعتين تسأل؟ قال: سألتك عن متعة الحج فأنبئني عن متعة النساء أ حق هي؟ فقال: سبحان الله أ ما قرأت كتاب الله عز و جل: فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة فقال: و الله كأنها آية لم أقرأها قط.

و في تفسير العياشي، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال جابر بن عبد الله عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنهم غزوا معه فأحل لهم المتعة و لم يحرمها، و كان علي يقول: لو لا ما سبقني به ابن الخطاب يعني عمر ما زنى إلا شقي. و كان ابن عباس يقول: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة، و هؤلاء يكفرون بها، و رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحلها و لم يحرمها.

و فيه، عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) في المتعة قال: نزلت هذه الآية: فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة - و لا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة. قال: لا بأس بأن تزيدها و تزيدك إذا انقطع الأجل فيما بينكما، يقول: استحللتك بأجل آخر برضى منها. و لا تحل لغيرك حتى تنقضي عدتها، و عدتها حيضتان.

و عن الشيباني، في قوله تعالى: «و لا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة»: عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليه السلام) أنهما قالا: هو أن يزيدها في الأجرة، و تزيده في الأجل.

أقول: و الروايات في المعاني السابقة مستفيضة أو متواترة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، و إنما أوردنا طرفا منها، و على من يريد الاطلاع عليها جميعا أن يراجع جوامع الحديث.

و في الدر المنثور، أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان متعة النساء في أول الإسلام، كان الرجل يقدم البلدة ليس معه من يصلح له ضيعته، و لا يحفظ متاعه فيتزوج المرأة إلى قدر ما يرى أنه يفرغ من حاجته فتنظر له متاعه، و تصلح له ضيعته، و كان يقرأ: «فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى» نسختها: محصنين غير مسافحين، و كان الإحصان بيد الرجل يمسك متى شاء، و يطلق متى شاء.

و في مستدرك الحاكم، بإسناده عن أبي نضرة قال: قرأت على ابن عباس: فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة، قال ابن عباس: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى، فقلت: ما نقرؤها كذلك فقال ابن عباس: و الله لأنزلها الله كذلك: أقول: و رواه في الدر المنثور، عنه و عن عبد بن حميد و ابن جرير و ابن الأنباري في المصاحف.

و في الدر المنثور، أخرج عبد بن حميد و ابن جرير عن قتادة قال: في قراءة أبي بن كعب: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى.

و في صحيح الترمذي، عن محمد بن كعب عن ابن عباس قال: إنما كانت المتعة في أول الإسلام كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم فيحفظ له متاعه و يصلح له شيئه حتى إذا نزلت الآية: «إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم» قال ابن عباس فكل فرج سوى هذين فهو حرام.

أقول: و لازم الخبر أنها نسخت بمكة لأن الآية مكية.

و في مستدرك الحاكم، عن عبد الله بن أبي مليكة: سألت عائشة رضي الله عنها عن متعة النساء فقالت: بيني و بينكم كتاب الله. قال: و قرأت هذه الآية: و الذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم - أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ما زوجه الله أو ملكه فقد عدا.

و في الدر المنثور، أخرج أبو داود في ناسخه و ابن المنذر و النحاس من طريق عطاء عن ابن عباس: في قوله: فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة قال: نسختها: يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن و المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء و اللائي يئسن من المحيض من نسائكم - إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر.

و فيه، أخرج أبو داود في ناسخه و ابن المنذر و النحاس و البيهقي عن سعيد بن المسيب قال: نسخت آية الميراث المتعة.

و فيه، أخرج عبد الرزاق و ابن المنذر و البيهقي عن ابن مسعود قال: المتعة منسوخة نسخها الطلاق و الصدقة و العدة و الميراث.

و فيه، أخرج عبد الرزاق و ابن المنذر عن علي قال: نسخ رمضان كل صوم، و نسخت الزكاة كل صدقة، و نسخ المتعة الطلاق و العدة و الميراث، و نسخت الضحية كل ذبيحة.

و فيه، أخرج عبد الرزاق و أحمد و مسلم عن سبرة الجهني قال: أذن لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عام فتح مكة في متعة النساء فخرجت أنا و رجل من قومي، و لي عليه فضل في الجمال، و هو قريب من الدمامة مع كل واحد منا برد، إما بردي فخلق، و إما برد ابن عمي فبرد جديد غض حتى إذا كنا بأعلى مكة تلقتنا فتاة مثل البكرة العنطنطة فقلنا: هل لك أن يستمتع منك أحدنا؟ قالت: و ما تبذلان؟ فنشر كل واحد منا برده فجعلت تنظر إلى الرجلين، فإذا رآها صاحبي قال: إن برد هذا خلق، و بردي جديد غض فتقول: و برد هذا لا بأس به، ثم استمتعت منها، فلم نخرج حتى حرمها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

و فيه، أخرج مالك و عبد الرزاق و ابن أبي شيبة و البخاري و مسلم و الترمذي و النسائي و ابن ماجة عن علي بن أبي طالب: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عن متعة النساء يوم خيبر، و عن أكل لحوم الحمر الإنسية.

و فيه، أخرج ابن أبي شيبة و أحمد و مسلم عن سلمة بن الأكوع قال رخص لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في متعة النساء عام أوطاس ثلاثة أيام ثم نهى عنها بعدها.

و في شرح ابن العربي، لصحيح الترمذي، عن إسماعيل عن أبيه عن الزهري: أن سبرة روى أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عنها في حجة الوداع، خرجه أبو داود قال: و قد رواه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن الربيع بن سبرة عن أبيه: فذكر فيه: أنه كان في حجة الوداع بعد الإحلال، و أنه كان بأجل معلوم، و قد قال الحسن: إنها في عمرة القضاء.

و فيه، عن الزهري: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جمع المتعة في غزوة تبوك.

أقول: و الروايات كما ترى تختلف في تشخيص زمان نهيه (صلى الله عليه وآله وسلم) بين قائلة أنه كان قبل الهجرة، و قائلة بأنه بعد الهجرة بنزول آيات النكاح و الطلاق و العدة و الميراث أو بنهي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عام خيبر أو زمن عمرة القضاء أو عام أوطاس أو عام الفتح أو عام تبوك أو بعد حجة الوداع، و لذا حمل على تكرر النهي عنها مرات عديدة، و إن كلا من الروايات تحدث عن مرة منها لكن جلالة بعض رواتها كعلي و جابر و ابن مسعود مع ملازمتهم للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و خبرتهم بالخطير و اليسير من سيرته تأبى أن يخفى عليهم نواهيه (صلى الله عليه وآله وسلم).

و في الدر المنثور، أخرج البيهقي عن علي قال: نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن المتعة و إنما كانت لمن لم يجد فلما نزل النكاح و الطلاق و العدة و الميراث بين الزوج و المرأة نسخت.

و فيه، أخرج النحاس عن علي بن أبي طالب: أنه قال لابن عباس: إنك رجل تائه إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عن المتعة.

و فيه، أخرج البيهقي عن أبي ذر قال: إنما أحلت لأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المتعة ثلاثة أيام ثم نهى عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

و في صحيح البخاري، عن أبي جمرة قال: سئل ابن عباس عن متعة النساء فرخص فيها فقال له مولى له: إنما كان ذلك و في النساء قلة و الحال شديد، فقال ابن عباس نعم.

و في الدر المنثور، أخرج البيهقي عن عمر: أنه خطب فقال: ما بال رجال ينكحون هذه المتعة، و قد نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عنها لا أوتي بأحد نكحها إلا رجمته.

و فيه، أخرج ابن أبي شيبة و أحمد و مسلم عن سبرة قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قائما بين الركن و الباب و هو يقول: يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع ألا و إن الله حرمها إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيلها، و لا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا.

و فيه، أخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال: و الله ما كانت المتعة إلا ثلاثة أيام أذن لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيها، ما كانت قبل ذلك و لا بعد.

و في تفسير الطبري، عن مجاهد: فما استمتعتم به منهن قال: يعني نكاح المتعة.

و فيه، عن السدي: في الآية قال: هذه المتعة، الرجل ينكح المرأة بشرط إلى أجل مسمى فإذا انقضت المدة فليس له عليها سبيل، و هي منه بريئة، و عليها أن تستبرىء ما في رحمها، و ليس بينهما ميراث، ليس يرث واحد منهما صاحبه.

يتبع...

العودة إلى القائمة

التالي