الميزان في تفسير القرآن

سورة النور

27 - 34

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28) لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (29) قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32) وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (33) وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلا مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (34)

بيان

أحكام و شرائع متناسبة و مناسبة لما تقدم.

قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا و تسلموا على أهلها» إلخ، الأنس بالشيء و إليه الألفة و سكون القلب إليه، و الاستيناس طلب ذلك بفعل يؤدي إليه كالاستيناس لدخول بيت بذكر الله و التنحنح و نحو ذلك ليتنبه صاحب البيت أن هناك من يريد الدخول عليه فيستعد لذلك فربما كان في حال لا يحب أن يراه عليها أحد أو يطلع عليها مطلع.

و منه يظهر أن مصلحة هذا الحكم هو الستر على عورات الناس و التحفظ على كرامة الإيمان فإذا استأنس الداخل عند إرادة الدخول على بيت غير بيته فأخبر باستيناسه صاحب البيت بدخوله ثم دخل فسلم عليه فقد أعانه على ستر عورته، و أعطاه الأمن من نفسه.

و يؤدي الاستمرار على هذه السيرة الجميلة إلى استحكام الأخوة و الألفة و التعاون العام على إظهار الجميل و الستر على القبيح و إليه الإشارة بقوله: «ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون» أي لعلكم بالاستمرار على هذه السيرة تتذكرون ما يجب عليكم رعايته و إحياؤه من سنة الأخوة و تألف القلوب التي تحتها كل سعادة اجتماعية.

و قيل: إن قوله: «لعلكم تذكرون» تعليل لمحذوف و التقدير قيل لكم كذا لعلكم تتذكرون مواعظ الله فتعملوا بموجبها، و لا بأس به.

و قيل: إن في قوله: «حتى تستأنسوا و تسلموا» تقديما و تأخيرا و الأصل حتى تسلموا و تستأنسوا.

و هو كما ترى.

قوله تعالى: «فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم»... إلخ، أي إن علمتم بعدم وجود أحد فيها - و هو الذي يملك الإذن - فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم من قبل من يملك الإذن، و ليس المراد به أن يتطلع على البيت و ينظر فيه فإن لم ير فيه أحدا كف عن الدخول فإن السياق يشهد على أن المنع في الحقيقة عن النظر و الاطلاع على عورات الناس.

و هذه الآية تبين حكم دخول بيت الغير و ليس فيه من يملك الإذن، و الآية السابقة تبين حكم الدخول و فيه من يملك الإذن و لا يمنع، و أما دخوله و فيه من يملك الإذن و يمنع و لا يأذن فيه فيبين حكمه قوله تعالى: «و إن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم و الله بما تعملون عليم».

قوله تعالى: «ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم» إلخ، ظاهر السياق كون قوله: «فيها متاع لكم» صفة بعد صفة لقوله: «بيوتا» لا جملة مستأنفة معللة لقوله: «ليس عليكم جناح»، و الظاهر أن المتاع بمعنى الاستمتاع.

ففيه تجويز الدخول في بيوت معدة لأنواع الاستمتاع و هي غير مسكونة بالطبع كالخانات و الحمامات و الأرحية و نحوها فإن كونها موضوعة للاستمتاع إذن عام في دخولها.

و ربما قيل: إن المراد بالمتاع المعنى الاسمي و هو الأثاث و الأشياء الموضوعة للبيع و الشرى كما في بيوت التجارة و الحوانيت فإنها مأذونة في دخولها إذنا عاما و لا يخلو من بعد لقصور اللفظ.

قوله تعالى: «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون» الغض إطباق الجفن، على الجفن و الأبصار جمع بصر و هو العضو الناظر، و من هنا يظهر أن «من» في «من أبصارهم» لابتداء الغاية لا مزيدة و لا للجنس و لا للتبعيض كما قال بكل قائل، و المعنى يأتوا بالغض آخذا من أبصارهم.

فقوله: «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم» لما كان «يغضوا» مترتبا على

قوله: «قل» ترتب جواب الشرط عليه دل ذلك على كون القول بمعنى الأمر و المعنى مرهم يغضوا من أبصارهم و التقدير مرهم بالغض إنك إن تأمرهم به يغضوا، و الآية أمر بغض الأبصار و إن شئت فقل: نهي عن النظر إلى ما لا يحل النظر إليه من الأجنبي و الأجنبية لمكان الإطلاق.

و قوله: «و يحفظوا فروجهم» أي و مرهم يحفظوا فروجهم، و الفرجة و الفرج الشق بين الشيئين، و كنى به عن السوأة، و على ذلك جرى استعمال القرآن المليء أدبا و خلقا ثم كثر استعماله فيها حتى صار كالنص كما ذكره الراغب.

و المقابلة بين قوله: «يغضوا من أبصارهم» و «يحفظوا فروجهم» يعطي أن المراد بحفظ الفروج سترها عن النظر لا حفظها عن الزنا و اللواطة كما قيل، و قد ورد في الرواية عن الصادق (عليه السلام): أن كل آية في القرآن في حفظ الفروج فهي من الزنا إلا هذه الآية فهي من النظر.

و على هذا يمكن أن تتقيد أولى الجملتين بثانيتهما و يكون مدلول الآية هو النهي عن النظر إلى الفروج و الأمر بسترها.

ثم أشار إلى وجه المصلحة في الحكم و حثهم على المراقبة في جنبه بقوله: «ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون».

قوله تعالى: «و قل للمؤمنات يغضضن» إلخ، الكلام في قوله: «و قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن و يحفظن فروجهن» نظير ما مر في قوله: «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم» فلا يجوز لهن النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه و يجب عليهن ستر العورة عن الأجنبي و الأجنبية.

و أما قوله: «و لا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها» فالإبداء الإظهار، و المراد بزينتهن مواضع الزينة لأن نفس ما يتزين به كالقرط و السوار لا يحرم إبداؤها فالمراد بإبداء الزينة إبداء مواضعها من البدن.

و قد استثنى الله سبحانه منها ما ظهر، و قد وردت الرواية أن المراد بما ظهر منها الوجه و الكفان و القدمان كما سيجيء إن شاء الله.

و قوله: «و ليضربن بخمرهن على جيوبهن» الخمر بضمتين جمع خمار و هو ما تغطي به المرأة رأسها و ينسدل على صدرها، و الجيوب جمع جيب بالفتح فالسكون و هو معروف و المراد بالجيوب الصدور، و المعنى و ليلقين بأطراف مقانعهن على صدورهن ليسترنها بها.

و قوله: «و لا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن - إلى قوله - أو بني أخواتهن» البعولة هم أزواجهن، و الطوائف السبع الأخر محارمهن من جهة النسب و السبب، و أجداد البعولة حكمهم حكم آبائهم و أبناء أبناء البعولة حكمهم حكم الأبناء.

و قوله: «أو نسائهن» في الإضافة إشارة إلى أن المراد بهن المؤمنات من النساء فلا يجوز لهن التجرد لغيرهن من النساء و قد وردت به الروايات عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام).

و قوله: «أو ما ملكت أيمانهن» إطلاقه يشمل العبيد و الإماء، و قد وردت به الرواية كما سيأتي إن شاء الله، و هذا من موارد استعمال «ما» في أولي العقل.

و قوله: «أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال» الإربة هي الحاجة، و المراد به الشهوة التي تحوج إلى الازدواج، و «من الرجال» بيان للتابعين، و المراد بهم كما تفسره الروايات البله المولى عليهم من الرجال و لا شهوة لهم.

و قوله: «أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء» أي جماعة الأطفال - و اللام للاستغراق - الذين لم يقووا و لم يظهروا - من الظهور بمعنى الغلبة - على أمور يسوء التصريح بها من النساء، و هو - كما قيل - كناية عن البلوغ.

و قوله: «و لا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن» ذلك بتصوت أسباب الزينة كالخلخال و العقد و القرط و السوار.

و قوله: «و توبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون» المراد بالتوبة - على ما يعطيه السياق - الرجوع إليه تعالى بامتثال أوامره و الانتهاء عن نواهيه و بالجملة اتباع سبيله.

قوله تعالى: «و أنكحوا الأيامى منكم و الصالحين من عبادكم و إمائكم» الإنكاح

التزويج، و الأيامى جمع أيم بفتح الهمزة و كسر الياء المشددة و هو الذكر الذي لا أنثى معه و الأنثى التي لا ذكر معها و قد يقال في المرأة أيمة، و المراد بالصالحين الصالحون للتزويج لا الصالحون في الأعمال.

و قوله: «إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله وعد جميل بالغنى و سعة الرزق و قد أكده بقوله: «و الله واسع عليم» و الرزق يتبع صلاحية المرزوق بمشية من الله سبحانه، و سيوافيك إن شاء الله في تفسير قوله تعالى: «فورب السماء و الأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون»: الذاريات: 23 كلام في معنى سعة الرزق.

قوله تعالى: «و ليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله» الاستعفاف و التعفف قريبا المعنى، و المراد بعدم وجدان النكاح عدم القدرة على المهر و النفقة، و معنى الآية الأمر بالتعفف لمن لا يقدر على النكاح و التحرز عن الوقوع في الزنا حتى يغنيه الله من فضله.

قوله تعالى: «و الذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا» إلخ المراد بالكتاب المكاتبة، و ابتغاء المكاتبة أن يسأل العبد مولاه أن يكاتبه على إيتائه المولى مالا على أن يعتقه، و في الآية أمر للموالي بإجابتهم إن علموا فيهم خيرا و هو كناية عن إحراز صلاحيتهم لذلك.

و قوله: «و آتوهم من مال الله الذي آتاكم» إشارة إلى إيتائهم مال المكاتبة من الزكاة المفروضة فسهم من سهام الزكاة لهم، كما قال تعالى: «و في الرقاب»: التوبة: 60 أو إسقاط شيء من مال المكاتبة.

و في هذه الآية و الآيات السابقة مباحث فقهية جمة ينبغي أن يراجع فيها كتب الفقه.

قوله تعالى: «و لا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا الفتيات الإماء و الولائد، و البغاء الزنا و هو مفاعلة من البغي، و التحصن التعفف و الازدواج و ابتغاء عرض الحياة الدنيا طلب المال، و المعنى ظاهر.

و إنما اشترط النهي عن الإكراه بإرادة التحصن لأن الإكراه لا يتحقق في من لا يريد التحصن، ثم وعدهن المغفرة على تقدير الإكراه بقوله: «و من يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم» و معناه ظاهر.

قوله تعالى: «و لقد أنزلنا إليكم آيات مبينات و مثلا من الذين خلوا من قبلكم و موعظة للمتقين» المثل الصفة و من الممكن أن يكون قوله: «و لقد أنزلنا» إلخ، حالا من فاعل قوله: «توبوا» في الآية السابقة أو استينافا و المعنى و أقسم لقد أنزلنا إليكم آيات تبين لكم من معارف الدين ما تفلحون به، و صفة من السابقين أخيارهم و أشرارهم يتميز بها لكم ما ينبغي أن تأخذوا به مما ينبغي لكم أن تجتنبوا، و موعظة للمتقين منكم.

بحث روائي

في تفسير القمي، بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (عليه السلام): في قول الله عز و جل: «لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم - حتى تستأنسوا و تسلموا على أهلها» قال: الاستيناس وقع النعل و التسليم:. أقول: و رواه الصدوق في معاني الأخبار، عن محمد بن الحسن مرفوعا عن عبد الرحمن عنه (عليه السلام).

و في المجمع، عن أبي أيوب الأنصاري قال: قلنا: يا رسول الله ما الاستيناس؟ قال يتكلم الرجل بالتسبيحة و التحميدة و التكبيرة و يتنحنح على أهل البيت.

و عن سهل بن سعد قال: اطلع رجل في حجرة من حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و معه مدرى يحك رأسه: لو أعلم أنك تنظر لطعنت به في عينيك إنما الاستيذان من النظر.

و روي: أن رجلا قال للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أستأذن على أمي؟ فقال: نعم. قال

إنها ليس لها خادم غيري أ فأستأذن عليها كلما دخلت؟ قال: أ تحب أن تراها عريانة؟ قال الرجل: لا، قال: فاستأذن عليها.

و روي: أن رجلا استأذن على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فتنحنح فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) لامرأة يقال لها: روضة: قومي إلى هذا فعلميه و قولي له: قل السلام عليكم أ أدخل؟ فسمعها الرجل فقالها فقال: ادخل.

أقول: و روي في الدر المنثور، عن جمع من أصحاب الجوامع الرواية الأولى عن أبي أيوب، و الثانية عن سهل بن سعد و الرابعة عن عمرو بن سعد الثقفي.

و في الدر المنثور، أخرج ابن مردويه عن عبادة بن الصامت: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سئل عن الاستيذان في البيوت فقال: من دخلت عينه قبل أن يستأذن و يسلم فقد عصى الله و لا إذن له.

و في تفسير القمي،: في قوله تعالى: «فإن لم تجدوا فيها أحدا - فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم» قال: معناه و إن لم تجدوا فيها أحدا يأذن لكم فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم.

و فيه،: في قوله تعالى: «ليس عليكم جناح أن تدخلوا - بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم» قال الصادق (عليه السلام): هي الحمامات و الخانات و الأرحية تدخلها بغير إذن.

و في الكافي، بإسناده عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله (عليه السلام): في حديث يذكر فيه ما فرض الله على الجوارح. قال: و فرض على البصر أن لا ينظر إلى ما حرم الله عليه، و أن يعرض عما نهى الله عنه مما لا يحل له و هو عمله و هو من الإيمان. فقال تبارك و تعالى: «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم» فنهاهم أن ينظروا إلى عوراتهم و أن ينظر المرء إلى فرج أخيه و يحفظ فرجه أن ينظر إليه، و قال: «و قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن و يحفظن فروجهن» من أن تنظر إحداهن إلى فرج أختها و تحفظ فرجها من أن ينظر إليه. و قال: كل شيء في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا إلا هذه الآية فهو من النظر:.

أقول: و روى القمي في تفسيره، ذيل الحديث عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي بصير عنه (عليه السلام)، و روي مثله عن أبي العالية و ابن زيد.

و في الكافي، بإسناده عن سعد الإسكاف عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: استقبل شاب من الأنصار امرأة بالمدينة و كان النساء يتقنعن خلف آذانهن فنظر إليها و هي مقبلة فلما جازت نظر إليها و دخل في زقاق قد سماه ببني فلان، و جعل ينظر خلفها، و اعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشق وجهه فلما مضت المرأة نظر فإذا الدماء تسيل على ثوبه و صدره فقال: و الله لآتين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و لأخبرنه. قال: فأتاه فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال له: ما هذا؟ فأخبره فهبط جبرئيل بهذه الآية «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم - ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون»:. أقول: و رواه في الدر المنثور، عن ابن مردويه عن علي بن أبي طالب مثله، و ظاهر الحديث أن المراد بالأمر بالغض في الآية النهي عن مطلق النظر إلى الأجنبية، كما أن ظاهر بعض الروايات السابقة أنه نهي عن النظر إلى فرج الغير خاصة.

و فيه، بإسناده عن مروك بن عبيد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما يحل أن يرى من المرأة إذا لم يكن محرما؟ قال: الوجه و الكفان و القدمان.

أقول: و رواه في الخصال، عن بعض أصحابنا عنه (عليه السلام) و لفظه: الوجه و الكفين و القدمين.

و في قرب الإسناد، للحميري عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل ما يصلح له أن ينظر إليه من المرأة التي لا تحل له؟ قال: الوجه و الكف و موضع السوار.

و في الكافي، بإسناده عن عباد بن صهيب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا بأس بالنظر إلى رءوس أهل تهامة و الأعراب و أهل السواد و العلوج لأنهم إذا نهوا لا ينتهون.

قال: و المجنونة و المغلوبة على عقلها، و لا بأس بالنظر إلى شعرها و جسدها ما لم يتعمد ذلك.

أقول: كأنه (عليه السلام) يريد بقوله: ما لم يتعمد ذلك، الريبة.

و في الخصال،: و قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأمير المؤمنين (عليه السلام): يا علي أول نظرة لك و الثانية عليك لا لك أقول: و روي مثله في الدر المنثور، عن عدة من أصحاب الجوامع عن بريدة عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) و لفظه: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي: لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى و ليست لك الآخرة.

و في جوامع الجامع، عن أم سلمة قالت: كنت عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و عنده ميمونة فأقبل ابن أم مكتوم و ذلك بعد أن أمرنا بالحجاب فقال: احتجبا، فقلنا: يا رسول الله أ ليس أعمى لا يبصرنا؟ فقال: أ فعمياوان أنتما؟ أ لستما تبصرانه؟: أقول: و رواه في الدر المنثور، عن أبي داود و الترمذي و النسائي و البيهقي عنها.

و في الفقيه، و روى حفص بن البختري عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا ينبغي للمرأة أن تنكشف بين يدي اليهودية و النصرانية فإنهن يصفن ذلك لأزواجهن.

و في المجمع،: في قوله تعالى: «أو ما ملكت أيمانهن» و قيل: معناه العبيد و الإماء: و روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام).

و في الكافي، بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سألته عن غير أولي الإربة من الرجال. قال: الأحمق المولى عليه الذي لا يأتي النساء.

و فيه، بإسناده عن محمد بن جعفر عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء ظنه بالله عز و جل إن الله يقول «إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله».

أقول: و في المعاني السابقة روايات كثيرة جدا عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) من أرادها فليراجع كتب الحديث.

و في الفقيه، روى العلاء عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام): في قول الله عز

و جل: «فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا» قال: الخير أن يشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله، و يكون بيده عمل يكتسب به أو يكون له حرفة.

أقول: و في معناه روايات أخر.

يتبع...

العودة إلى القائمة

التالي