الميزان في تفسير القرآن |
سورة الأنبياء |
34 - 47 |
تابع |
||
و اعلم أن في هذه الآيات وجوها من الالتفات لم نتعرض لها لظهورها. قوله تعالى: «قل إنما أنذركم بالوحي و لا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون» أي إن الذي أنذركم به وحي إلهي لا ريب فيه و إنما لا يؤثر فيكم أثره و هو الهداية لأن فيكم صمما لا تسمعون الإنذار فالنقص في ناحيتكم لا فيه. قوله تعالى: «و لئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين» النفحة الوقعة من العذاب، و المراد أن الإنذار بآيات الذكر لا ينفعهم بل هؤلاء يحتاجون إلى نفحة من العذاب حتى يضطروا فيؤمنوا و يعترفوا بظلمهم. قوله تعالى: «و نضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا» القسط العدل و هو عطف بيان للموازين أو صفة للموازين بتقدير مضاف و التقدير الموازين ذوات القسط، و قد تقدم الكلام في معنى الميزان المنصوب يوم القيامة في تفسير سورة الأعراف. و قوله: «و إن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها» الضمير في «و إن كان» للعمل الموزون المدلول عليه بذكر الموازين أي و إن كان العمل الموزون مقدار حبة من خردل في ثقله أتينا بها و كفى بنا حاسبين و حبة الخردل يضرب بها المثل في دقتها و صغرها و حقارتها، و فيه إشارة إلى أن الوزن من الحساب. بحث روائي في الدر المنثور، أخرج ابن المنذر عن ابن جريح قال: لما نعى جبريل للنبي نفسه قال: يا رب فمن لأمتي؟ فنزلت: «و ما جعلنا لبشر من قبلك الخلد» الآية. أقول: سياق الآيات و هو سياق العتاب لا يلائم ما ذكر. على أن هذا السؤال لا يلائم موقع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، على أن النعي كان في آخر حياة النبي و السورة من أقدم السور المكية. و فيه، أخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: مر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على أبي سفيان و أبي جهل و هما يتحدثان فلما رآه أبو جهل ضحك و قال لأبي سفيان: هذا نبي بني عبد مناف فغضب أبو سفيان فقال: ما تنكرون ليكون لبني عبد مناف نبي؟ فسمعها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فرجع إلى أبي جهل فوقع به و خوفه و قال: ما أراك منتهيا حتى يصيبك ما أصاب عمك، و قال لأبي سفيان: أما إنك لم تقل ما قلت إلا حمية فنزلت هذه الآية «و إذا رآك الذين كفروا أن يتخذونك إلا هزوا» الآية. أقول: هو كسابقه في عدم انطباق القصة على الآية ذاك الانطباق. و في المجمع، روي عن أبي عبد الله (عليه السلام): أن أمير المؤمنين (عليه السلام) مرض فعاده إخوانه فقالوا: كيف نجدك يا أمير المؤمنين؟ قال: بشر. قالوا: ما هذا كلام مثلك قال: إن الله تعالى يقول: «و نبلوكم بالشر و الخير فتنة» فالخير الصحة و الغنى و الشر المرض و الفقر. و فيه،: في قوله: «أ فلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها» و قيل: بموت العلماء و روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: نقصانها ذهاب عالمها. أقول؟ و تقدم في تفسير سورة الأعراف كلام في معنى الحديث. و في التوحيد، عن علي (عليه السلام): في حديث و قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات و أما قوله تبارك و تعالى «و نضع الموازين القسط ليوم القيامة - فلا تظلم نفس شيئا» فهو ميزان العدل يؤخذ به الخلائق يوم القيامة يدين الله تبارك و تعالى الخلق بعضهم ببعض بالموازين. و في المعاني، بإسناده إلى هشام قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل؟ «و نضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا» قال؟ هم الأنبياء و الأوصياء: أقول: و رواه في الكافي، بسند فيه رفع عنه (عليه السلام) و قد أوردنا روايات أخر في هذه المعاني في تفسير سورة الأعراف و تكلمنا فيها بما تيسر. |
||